سورة الزمر - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} أي: الأشياء كلها موكولة إليه فهو القائم بحفظها. {له مقاليد السموات والأرض} مفاتيح خزائن السموات والأرض واحدها مقلاد، مثل مفتاح، ومقليد مثل منديل ومناديل. وقال قتادة ومقاتل: مفاتيح السموات والأرض بالرزق والرحمة. وقال الكلبي: خزائن المطر وخزائن النبات. {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.
قوله عز وجل: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ}؟ قال مقاتل: وذلك أن كفار قريش دعوه إلى دين آبائه. قرأ أهل الشام {تأمرونني} بنونين خفيفتين على الأصل، وقرأ أهل المدينة بنون واحدة خفيفة على الحذف، وقرأ الآخرون بنون واحدة مشددة على الإدغام.
{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} الذي عملته قبل الشرك وهذا خطاب مع الرسول صلى الله عليه وسلم، والمراد منه غيره. وقيل: هذا أدب من الله عز وجل لنبيه وتهديد لغيره، لأن الله تعالى عصمه من الشرك. {وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
{بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} لإنعامه عليك.
قوله عز وجل: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} ما عظموه حق عظمته حين أشركوا به غيره، ثم أخبر عن عظمته فقال: {وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا آدم، حدثنا شيبان عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر، ثم قرأ: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة}.
ورواه مسلم بن الحجاج عن أحمد بن عبد الله بن يونس عن فضيل بن عياض عن منصور، وقال: والجبال والشجر على إصبع، وقال: ثم يهزهن هزًا، فيقول: أنا الملك أنا الله.
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرني الحسين بن فنجويه، حدثنا عمر بن الخطاب، حدثنا عبد الله بن الفضل، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن عمر بن حمزة، عن سالم بن عبد الله، أخبرني عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يطوي الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين ثم يأخذهن بشماله، ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون»، هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الكشميهني، حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث، حدثنا محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبد الله بن محمود، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن يونس عن الزهري، حدثني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض».


قوله عز وجل: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ} ماتوا من الفزع وهي النفخة الأولى، {إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} اختلفوا في الذين استثناهم الله عز وجل، وقد ذكرناهم في سورة النمل، قال الحسن: إلا من شاء الله يعني الله وحده، {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ} أي: في الصور، {أُخْرَى} أي: مرة أخرى، {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} من قبورهم ينتظرون أمر الله فيهم.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بين النفختين أربعون» قالوا: أربعون يومًا؟ قال: «أبيت»، قالوا: أربعون شهرًا؟ قال: «أبيت»، قالوا: أربعون سنة؟ قال: «أبيت»، قال: «ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظم واحد، وهو عجب الذنب ومنه يتركب الخلق يوم القيامة».


قوله عز وجل: {وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ} أضاءت، {بِنُورِ رَبِّهَا} بنور خالقها، وذلك حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين خلقه، فما يتضارون في نوره كما لا يتضارون في الشمس في اليوم الصحو. وقال الحسن والسدي: بعدل ربها، وأراد بالأرض عرصات القيامة، {وَوُضِعَ الْكِتَابُ} أي: كتاب الأعمال، {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ} قال ابن عباس: يعني الذين يشهدون للرسل بتبليغ الرسالة، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وقال عطاء: يعني الحفظة، يدل عليه قوله تعالى: {وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد} [ق- 21] {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ} أي: بالعدل، {وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} أي: لا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم.
{وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} أي: ثواب ما عملت، {وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ} قال عطاء: يريد أني عالم بأفعالهم لا أحتاج إلى كاتب ولا إلى شاهد.
{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ} سوقًا عنيفًا، {زُمَرًا} أفواجًا بعضها على إثر بعض، كل أمة على حدة قال أبو عبيدة والأخفش: {زمرًا} أي: جماعات في تفرقة، واحدتها زمرة {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} السبعة وكانت مغلقة قبل ذلك، قرأ أهل الكوفة {فتحت}، {وفتحت} بالتخفيف، وقرأ الآخرون بالتشديد على التكثير {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} توبيخًا وتقريعًا لهم، {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} من أنفسكم {يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ} وجبت، {كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} وهو قوله عز وجل: {لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} [هود- 119].

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8